الجزائر – شاركت جمعية الأقوس لمواهب الشباب المدية، اليوم الجمعة بالجزائر العاصمة، في المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في طبعته ال15 ،بمسرحية “حلم غير مثقوب” للمخرج وكاتب النص هاورن الكيلاني.
وقدم المخرج هارون الكيلاني، في اليوم ما قبل الأخير من المنافسة، مسرحية “حلم غير مثقوب”، وهي عبارة عن موقف إنساني فلسفي تدخل فيه شخوص المسرحية في صراع نفسي محتدم وهي تبحث عن دروب نحو أحلامها وتفتح أمامها منافذ الخلاص والخروج من ظلام الجهل نحو نور الحقيقة.
تطرح هذه المسرحية التجريبية، من خلال النص والحوار المشتعل بين الشخصيات، سؤال الوجود والمآل، فتحدثت عن الخطر الذي يهدد الحياة، والموت بصفته هو “الألم الذي يبعد الفرد عن أهله” وكونه “الفاصل الذي يقف بين الحلم والحقيقة بصفتهما حلقتان منفصلتان لكنهما يتبادلان المواقع”.
ويبدأ الصراع/ الكابوس حينما ينزل شاب “وهو” (حليم علال) الى القاع ويضل الطريق، لا يعلم إن كان في حلم أو حقيقة، و لا يجد أمامه سوى شخصيات غريبة الأطوار بلا رحمة ترفض إرشاده الى طريق العودة والصعود الى حيث الحلم ممكنا، لكنها تغرقه بأسئلة تخص ماضيه وحاضره وخياراته في المستقبل.
وتبرز شخصيات مثل “بخاح” (عبد المنعم خلادي) الفارط في الحركة ينشر الغبار من حوله لكنه خائف من الآخر، و”لبيدة” (أسماء بن إيمان) المرأة الوحيدة وسط المجموعة والتي حملت تعب بنات حواء وصرخت في وجه القاعة تنكرهم لنون النسوة، بينما واصل كل من “داسق” (أويس يحياوي) و “سعيل” (محمد علال) و “الملاح” (يوسف سوايحي) رحلة التيه.
ولترجمة تلك الحالة الإنسانية المتعسرة، أفرد هارون الكيلاني لشخصياته فضاء سينوغرافيا يعكس بعدا عبثيا عبارة عن مكان مظلم به جذور طويلة تعطي الانطباع اننا في عالم غرائبي تحت الأرض، واستعان بمقطوعات موسيقية تحيل الى الفن السينمائي وأهازيج التندي ورقصة الطوارق و مؤثرات صوتية للريح والعاصفة و المطر و عناصر مادية طبيعية مثل الماء والرمل والنار، شكلت لوحة إنسانية تتوق نحو بقعة ضوء أو ثقب حلم.
ودخلت الشخوص في أدائهم الفني، بين ظلام ورواق مضيء يمهد لدخولهم مربع اللعبة الدرامية حيث كانت الاضاءة بمثابة المرشد لتحديد ملامح المكان، تارة ظلمة وتارة إنارة تنبع من وسط الجمهور، وأخرى تسطع من الجهة الثالثة الخلفية للخشبة صوبت نحو القاعة.
كما ظهر جليا اشتغال المخرج على اللياقة الجسدية للممثلين والمرونة في الحركة وتوجيههم نحو المزاوجة بين الخطاب والإلقاء و الإيماءات والحركة لما لها من دور في التعبير عن الانفعالات وخلجات النفس فوق الخشبة، وكان واضحا أن الكيلاني أعطى الأولوية لدور الجسد ليبث الإحساس بالخوف والحزن والقلق وأيضا الرغبة في الانعتاق من خلال إشارات ورموز دلالية نقلت الى الجمهور في اطار ما يسمى بالمسرح التجريبي.
وبرمج عرض جمعية الأقواس لمواهب الشباب من المدية، عقب فوز المسرحية بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لمسرح الهواة مستغانم في دورته ال 53 والتي حجزت مكانا لها في المنافسة الرسمية على ضوء اتفاقية مبرمة بين محافظتي مهرجان المحترف والهواة. وقد نال الممثل حليم علام جائزة أحسن أداء رجالي فيما استحقت زميلته أسماء بن إيمان جائزة أحسن أداء نسائي.
وتتواصل فعاليات الطبعة ال15 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف إلى غاية 1 يناير 2023.
Views: 0