Homeالدوليفي ظل اشتداد المنافسة الجيوستراتيجية... روسيا تعزز نفوذها في منطقة الساحل

في ظل اشتداد المنافسة الجيوستراتيجية… روسيا تعزز نفوذها في منطقة الساحل

أصبح النظام الدولي القائم اليوم أكثر فوضوية عما سبق ويمكن القول بأنه يشهد اخر مراحل بقائه، في ظل صعود قوى لا ترضى بالوضع الراهن بل تبحث عن التغير الذي يخدم مصالحها القومية من خلال تعزيز نفوذها الجيوستراتيجي و الجيوسياسي عبر مختلف مناطق العالم.

هذه القوى الفاعلة في النظام الاقليمي و الدولي، تتخذ من النهج البرجماتي و التخطيط الاستراتيجي الواقعي محرك لسلوكها في البيئة الاستراتيجية الدولية، الامر الذي جعل النظام الدولي غير مستقر، فاليوم المنافسة أصبحت شديدة بين قوى التغير و قوى الحفاظ على الوضع الراهن.

لقد أثر التنافس الاستراتيجي  بشكل أكبر على العديد من المناطق الهشة في العالم، خاصة منطقة الساحل الافريقي التي تشهد حالة من عدم الاستقرار نتيجة احتدام المنافسة ببين القوى الدولية التي تبحث عن بسط نفوذها في المنطقة  ، وبفعل تزايد هذا التنافس حتما سنشهد تشكيل تحالفات اقليمية جديدة في الساحل الافريقي تأثر بشكل كبير على التوازن الجيوسياسي و الجيوستراتيجي في المنطقة.

ومن أبرز القوى التي تريد قلب طاولة النظام القائم بعد أن خسرت المنافسة مع الولايات المتحدة الامريكية في الحرب الباردة، هي روسيا الاتحادية، القوى الاكثر نشاطا اليوم في منطقة الساحل، ونشاطها يكمن في استخدام مايعرف بالشركات الامنية و العسكرية مثل شركة “فاغنر” الروسية، التي بدأت نشاطها في منطقة الساحل الافريقي و افريقيا في 2017 بالسودان خلال حكم عمر البشير، حيث بدأت بخدمات استشارية سياسية ونشاطات في مجال تعدين الذهب، بالإضافة إلى نفوذها العسكري القوي.

بعد السودان بدأت فاغنر في الانتشار و تعزيز نفوذها في القارة لتصل إلى جمهورية أفريقيا الوسطى بدعوة من الرئيس فاوستين أرشانج تواديرا في سبتمبر 2017. وفي ليبيا بعد سقوط نظام القذافي و دخول الناتو المنطقة، وكان نشاطها يعتمد على دعم قوات  خليفة حفتر، التي كانت تسيطر على حقول النفط في ليبيا.

وحسب بعض الاصدارات العلمية، خاصة الاصدار الاخير المتمثل في كتاب “الموت هو عملنا” للصحفيين الروس إيليا بارابانوف ودينيس كوروتكوف، كشف عن  العمليات الداخلية لمجموعة فاغنر،في القارة الافريقية وكذا أنشطة قائدها السابق بريغوجين.

كما كشف الكتاب عن نشاطات فاغنر في محاولتها لتأثير على الانتخابات بزيمبابوي لدعم إيمرسون منانغاغوا، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية لدعم جوزيف كابيلا، وأيضًا في انتخابات جنوب أفريقيا التشريعية لعام 2019 لدعم المؤتمر الوطني الأفريقي.

الى أن روسيا لم تقف عند هذا الحد، فبعد انتهاء مهمة فاغنر، جاء الدور على ايجاد بديل قوي يستطيع مجابهة مختلف التحديات التي تعيق نشاطه في الميدان، وذالك بانشاء فيلق من نخبة الخاصة يدعى “الفيلق الإفريقي” هو تشكيل عسكري تم الإعلان عنه في مطلع عام 2024، ليكون يد روسيا في المنطقة ويجسد ارادتها في أرض الميدان، عبر انتشاره بين خمس دول تمثل منطقة الساحل الافريقي وهي  ليبيا المقر المركزي للفيلق ، بوركينا فاسو، مالي، جمهورية إفريقيا الوسطى، والنيجر.

ويهدف الفيلق الإفريقي بالدرجة الاولى إلى مناهضة الوجود الغربي (امريكا –  فرنسا)، والاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الموارد خاصة اليورانيوم، والذهب، اين كشفت بعض التقرير عن استحواذ مجموعة فاغنر على عدد كبير من مناجم الذهب في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.

بالاضافة الى وجود تقارير تربط ما بين الهجوم العسكري المالي، في الاشهر الماضية على مدينة كيدال بدعم روسي والوجود المحتمل لاحتياطيات كبيرة من اليورانيوم في الشمال الشرقي. وفي أكتوبر 2023، التقى ممثلون عن شركة “روساتوم” النووية مسؤولين في مالي؛ لمناقشة تطوير البنية التحتية النووية والطاقة في البلاد.

لذا يمكن القول بأن منطقة الساحل اليوم تشهد أهم وأعمق الأزمات الجيوسياسية في العالم ، وتعد التحديات الجيوسياسية المهمة من بين العوامل التي تشكل الأزمة في هذه المنطقة الجغرافية وتقوم بتأجيجها. يشير المنظور الحالي للتطورات الميدانية في هذه المنطقة المهمة إلى بداية ظهور تغييرات جيوسياسية واسعة النطاق في منطقة شمال إفريقيا وستؤثر على جيوستراتيجية المنطقة .

ان هذا النوع من التطورات يجلب الكثير من القوى الدولية التي تتنافس فيما بينها لتجعل من المنطقة حلبة صراع و منافسة شديدة بغية تشكيل الجغرافية السياسية الجديدة للعالم .

مهدي نحال

Views: 30

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

spot_img

الاخبار الشائعة