اليوم هو يوم فضيل من أيام شهر الله الحرم، وهو العاشر من شهر محرم، يوم خصه الله عز وجل بفضائل كبيرة وعديدة، ويعرف عندنا نحن المسلمون بيوم عاشوراء، يوم له رمزية دينية خاصة ننتظره نحن الجزائريين كباقي المسلمون من كل عام لصيامه احتسابًا لوجه الله عز وجل.
كما أننا نحن في الجزائر لنا جملة من العادات التي ما زالت العائلات الجزائرية حريصة على اقامتها بمناسبة هذا اليوم، لهذا سنحاول من خلال مقالنا هذا أن نتحدث عن العديد من النقاط التي ترتبط بالمناسبة التي تحمل العديد من المعاني و القيم الدينية و الاجتماعية.
أصل تسمية اليوم العاشر من شهر محرم بعاشوراء
قبل الحديث عن أصل تسمية هذا اليوم بعاشوراء، لبد أن نعود الى التسمية في حد ذاته أيا من النحية اللغوية، والتي تعني -“يوم عاشوراء “-باللغة العربية العاشر وإذا ما تمت ترجمة الكلمة حرفيا فهي تعني في اليوم العاشر، أي اليوم الواقع في العاشر من الشهر المحرم.
اما أصل تسمية هذا اليوم الفضيل فهي مرتبطة بحدث تاريخي له عدة معاني، لكن نحصرها في مقالنا هذا من الناحية الدينية، لان المقال لايسعنا للحديث عن كل تفاصيل هذا الحدث.
فقد حدد هذا اليوم وارتبط في أصل تسميته بعهد سيدنا موسى عليه السلام وقومه بني إسرائيل عندما انجاهم الله عز وجل من بطش فرعون ومَلَئه، وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: «ما هذا؟» قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجي الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه».
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال: «من شاء صامه ومن شاء تركه» رواه البخاري ومسلم.
وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر» رواه البخاري ومسلم.
ولهذا اليوم كما سبق وان ذكرنا انفا، ان له فضيلة عظيمة وحرمة قديمة، وصومه كان معروفا بين الأنبياء عليهم السلام، ومنهم نوح وموسى اللذان صاماه، وصيامه يكفّر ذنوب السنة التي قبله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل صيام يوم عاشوراء: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله».ويعد هذا اليوم فرصة لتدارك والرجوع الى الله عز وجل من خلال صيام و القيام و كثرة الدعاء.
كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله)،
عادات الشعب الجزائري في يوم عاشوراء
عادات الشعب الجزائري في عاشوراء لها طابع ونكهة مميزة عن باقي شعوب المسلمة ، فهي لاتقف عند الحد الشرعي بل تتعدى لاحياء الذكرى باحتفالات تعكس ثقافة الشعب الجزائري و تبرز عاداته الاجتماعية وهذا راجع لعدة اعتبارات تاريخية في الأصل ساهم الأجداد في ترسيخها لنا من خلال جملة من العادات وتقاليد على غرار اقامة عادة “الوزيعة”؛ وهي عادة متجذرة منذ القدم عند الجزائريين، خاصة في الشرق الجزائري حيث يجمع أهالي تلك المناطق- وخصوصاً القاطنين في القرى والمداشر- الأموال من بعضهم البعض لشراء العجول أو قطيعٍ من الأغنام بهدف ذبحها، ثم توزيعها على السكان.
والى جانب كل هذا يعد هذا اليوم “عاشوراء” يوم عطلة مدفوعة الأجر، مما يتيح لشعب الجزائري اقامات احتفالات بالمناسبة و لمّ شمل العائلات مع أبنائها وأحفادها على مأدبةٍ تُسمّى “اللمة”.
يُساهم في تحضير “اللمة” جميع أفراد العائلة، كما لا تغيب المدائح والقصائد الدينية عن لمّة عائلات الجزائريين في هذه المناسبة، حتى وقتٍ متأخر من الليل.
كما يتم ايضا تقسيم “القشقشة”- وهو صحن مليء بالحلويات والمكسّرات من لوز وجوز وفول سوداني وتين مجفف- وتوزيعه على جميع الأطفال.
أما الفتيات، فلهنّ نصيبٌ من عادات عاشوراء بالجزائر. تقوم الجزائريات في هذا اليوم بقصّ شعرهنّ أو تقصيره بعض الشيء، اعتقاداً منهن أنه تعشير أو زكاة من الشعر حتى يزداد طولاً وكثافة.
هذه العادات صارت ترسم أبهج الصور عن علاقة الجزائريين بيوم عاشوراء.
أدعية يوم عاشوراء
هناك بعض الأدعية التي طالما يتم ترديدها وهي : «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريم. اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار».
ومن هذه الأدعية أيضا «يا رحمن الدنيا والآخرة لا إله إلا أنت اقض حاجتي في الدنيا والآخرة وأطل عمري في طاعتك ومحبتك ورضاك يا أرحم الراحمين وأحييني حياة طيبة وتوفّني على الإسلام والإيمان يا أرحم الراحمين وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم».
«اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت»، «اللهم طهرني من الذنوب والخطايا.. اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس»، «اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد»، «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»، «اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان يا بديع السموات والأرض ياذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار».
مهدي نحال
Views: 6