في موسم الصيف، تتحول الطرقات إلى خيوط ممتدة من الضحك والحماس، حيث تستعد الجمعيات لتنظيم رحلات صيفية تفتح المجال أمام المشاركين لاكتشاف الطبيعة وكسر روتين الحياة. ورغم ما يبدو من بساطة في الرحلة، إلا أن الحقيقة تقول إن نجاحها يعتمد على خيوط دقيقة ينسجها شخص واحد في الخلفية.. السائق.
“عندي 14 سنة خبرة”، بهذه الكلمات افتتح السائق عبد الحق لكحل حديثه معنا، وهو الذي يقود رحلات صيفية منذ 7 سنوات. تواصله مع الجمعيات لا يتم مباشرة، بل عبر الركاب الذين خبروا طريقته في القيادة وتعامله خلال السفر، ليصبح الجسر الذي تعبر عليه الجمعيات نحو رحلة آمنة ومنظمة.
التأطير: من رخصة الطريق إلى رخصة التربية
يشير السيد عبد الحق لكحل الذي اعتاد على عمله الروتيني كسائق خط النقل البري بين تكوت و آريس أن هناك فرقًا واضحًا بين قيادة الخطوط اليومية التي تُحدد ببطاقة توقيت ومقرر واضح، وبين قيادة الرحلات الصيفية التي تستوجب رخصة نقل ظرفي، ما يفرض عليه مسؤولية قانونية وأخلاقية في تنظيم الرحلة.
متى يبدأ التخطيط؟
يعود التخطيط للرحلات إلى “الخبرة”، كما يوضح، فاختيار الانطلاق بعد منتصف الليل ليس خيارًا عشوائيًا، بل يُمليه حرصه على سلامة الركاب، باختيار الأوقات الأقل ازدحامًا، مع مراعاة ظروف الركاب، من مرضى لا يتحملون السرعة، إلى عائلات ترغب في الوصول مبكرًا دون عناء.
إدارة الأجواء: موسيقى على المقاس
يبقى التحدي الأكبر في الرحلات الصيفية هو إدارة أجواء الحافلة، خاصة مع المراهقين الذين يفيضون بالطاقة.
“الموسيقى.. راكي تعرفي الشباب”، هكذا يختصر السائق فلسفته في التعامل مع المراهقين، حيث يختار الأغاني التي تُرضي ذوقهم وتساعد على الحفاظ على طاقتهم بشكل إيجابي، لتكون أداة تهذيب غير مباشرة. ومع اقتراب العودة، يعود هؤلاء الذين كانوا في قمة النشاط إلى النوم في هدوء، لتعم السكينة في الحافلة دون صراخ أو فوضى.
الصعوبات.. والقيادة بالحكمة
لا تخلو الرحلات من مواقف صعبة، خاصة مع بعض الشباب الذين “يكونون خارج وعيهم” أحيانا، لكنها حالات نادرة كما يقول. هنا، لا يكون الحل في المواجهة، بل في الصبر، وخلق أجواء ممتعة من دون جدال أو صدام، فيحافظ السائق على سلامة الجميع وهدوء الأجواء حتى نهاية الرحلة.
السائق.. شريك خفي في التربية
ربما لا نرى السائق إلا كرجل خلف المقود، لكنه في الحقيقة شريك خفي في نجاح الرحلات الصيفية، يصنع الفرق بخياراته، ويتحمّل مسؤولية المشاركين كأنهم عائلته. هكذا تصبح الرحلة الصيفية فعلا محطة للمتعة، لكن المتعة التي لا تنفصل عن التأطير والانضباط، والتي تجد خلفها دائما شخصا صامتا.. لكنه ينسج خيوط الرحلة في الخلفية بوعي و بحس مسؤولي
Views: 97