كشف تقرير للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن واقع مأساوي يعيشه الشباب المغربي، يعكس الإهمال المتعمد والمستمر من طرف السلطات، سواء على مستوى السياسات الاقتصادية أو الاجتماعية أو التعليمية.
وحسب الوثيقة، فإن البطالة، الإقصاء الاجتماعي، ضعف المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، الإدمان، الجريمة والهجرة غير النظامية، كلها تحديات متزايدة تهدد مستقبل الشباب.
وأكد التقرير أن هذه المشاكل ليست نتيجة ظرف عابر، بل تعكس غياب أو فشل السياسات العمومية، ما يترك الشباب في مواجهة واقع يومي مليء بالإحباط والفرص الضائعة، ويجعل الحاجة إلى تدخلات عاجلة وشاملة أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
فعلى المستوى السياسي والاجتماعي، يواجه الشباب عائقًا يتمثل في ضعف تمثيلهم داخل المؤسسات المنتخبة، إذ لا تتجاوز نسبة المسجلين في اللوائح الانتخابية 20 بالمائة، كما يغيبون بشكل شبه كامل عن مواقع القرار الحزبي والهيئات المنتخبة، ما يكرس شعورهم بالإقصاء ويضعف مشاركتهم في صياغة السياسات التي تمس حياتهم.
كما رصد التقرير أزمة التعليم والتكوين، حيث يعاني النظام التعليمي من الاكتظاظ، ضعف الجودة، نقص التكوين المهني الملائم لسوق الشغل، إضافة إلى تفشي نظام الولاءات داخل الجامعات والتضييق على العمل الطلابي والنقابي، ما يجعل الشباب غير مجهز بالمهارات اللازمة لمواجهة تحديات سوق العمل، ويدفع الكثيرين منهم إلى الهجرة غير النظامية أو الانخراط في أنشطة غير قانونية.
ومن أخطر الظواهر الاجتماعية التي أشار إليها التقرير، الهجرة غير النظامية الناجمة عن غياب العدالة وتفاقم الأزمات الاجتماعية، في ظل تراخي السلطات في معالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة، وفي مقدمتها البطالة والإقصاء وفقدان الأمل في المستقبل.
كما حذر التقرير من تنامي الإدمان على المخدرات بين الشباب، حيث أقر 9.4 بالمائة منهم بتجربة الحشيش والكوكايين وغيرها من المخدرات، في بلد تحوّل إلى سوق وممر رئيسي لهذه السموم.
واعتبر التقرير أن هذه المشاكل ليست مجرد تحديات فردية، بل نتيجة مباشرة لسياسات حكومية غير فعالة، أظهرت لامبالاة تجاه هذه الفئة ومستقبلها. وأكد أن الدولة بدل تطوير برامج جادة لخلق فرص العمل وتحسين التعليم والتكوين وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي، اكتفت بسياسات سطحية لم تعالج جذور الأزمة.
وفي ظل هذا الوضع، طالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بمراجعة شاملة للسياسات الموجهة للشباب، وتوفير فرص عمل لائقة، وإطلاق مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، إضافة إلى برامج متكاملة لمكافحة الهجرة غير النظامية، الإدمان والجريمة، من أجل انتشال الشباب من واقع مظلم.
واختتم التقرير بالتأكيد على أن الشباب المغربي يظل ضحية الإهمال الحكومي، وأن أي تنمية حقيقية لن تتحقق ما لم يتم الاستثمار في هذه الطاقات ومعالجة التحديات البنيوية التي تواجهها.
Views: 1