يتواصل الغليان الشعبي في المغرب رغم حملات القمع الواسعة التي تشنها قوات أمن المخزن، حيث أعلنت الحركة الشبابية التي تقود موجة احتجاجات عارمة منذ نهاية سبتمبر الماضي، عن مواصلة التعبئة السلمية وتوسيع نطاقها من خلال تنظيم وقفات احتجاجية في أغلب المدن السبت المقبل، إلى جانب توسيع حملة المقاطعة الاقتصادية التي أطلقتها ضد شركات ومنتجات محلية.
وأكدت الحركة في بيان لها أنها قررت “تثبيت خيار التعبئة الميدانية المنظمة ورفع منسوب الضغط المدني لتحقيق المطالب”، معلنة عن نيتها “تطوير أدواتها النضالية عبر توسيع حملة المقاطعة، وتقديم تفاصيلها بشكل تدريجي، بالتوازي مع صيغ احتجاجية أخرى لإيصال الصوت المطلبي”.
كما دعت إلى مقاطعة مباراة المنتخب المغربي أمام منتخب الكونغو، مؤكدة أن “الوقت ليس للاحتفال أو التشجيع، بل للانشغال بقضايا الشعب وكرامته وحرية معتقليه”، بعد أن شهدت مباراة سابقة ضد البحرين مدرجات شبه فارغة رغم الحملة الدعائية الكبيرة التي رافقتها.
وترى الحركة أن الرهان الحالي هو الدمج بين الحضور الميداني والضغط المدني غير التقليدي، من أجل تحويل التعبئة الرقمية إلى تأثير اجتماعي واقتصادي ملموس.
وشددت على أن مطالبها “ثابتة”، وعلى رأسها ضمان التعليم الجيد والصحة اللائقة ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، مع التأكيد على أولوية الإفراج الفوري عن معتقلي الرأي الذين شاركوا في الاحتجاجات السلمية.
ولم ينتظر الشباب المغربي موعد السبت لاستئناف التحركات، إذ خرج العشرات مساء أمس في الدار البيضاء مطالبين بالتغيير، فيما نظم سكان قرية بامحمد بإقليم تاونات مسيرة احتجاجية للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية ورفع التهميش.
وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من الاحتجاجات المتصاعدة التي أسفرت عن مقتل ثلاثة شباب واعتقال العشرات، على خلفية تردي الأوضاع المعيشية وتدهور قطاعات الصحة والتعليم، في ظل سياسات خوصصة مثيرة للجدل. وقد كشف وزير التعليم المغربي مؤخرًا أن هناك أكثر من 4000 مدرسة بلا ماء ولا مراحيض، ما اعتُبر دليلاً على الانهيار البنيوي للقطاع.
وفي سياق متصل، وجّه المعتقل السياسي محمد جلول، القابع في سجن طنجة 2، رسالته السابعة إلى الشعب المغربي، أشاد فيها بصمود الشباب ودعاهم إلى مواصلة النزول الميداني دفاعًا عن “المطالب العادلة والمشروعة”. وقال:
“في ظل استفحال الأزمات والفساد والظلم، فمن حق الشباب مواصلة النضال من أجل القطيعة مع هذا الواقع الفاسد والمستبد”.
كما قدّم الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي خلال حوار مع مجموعة من الشباب تشخيصًا لافتًا للوضع، معتبرًا أن ما تشهده البلاد هو “حتمية تاريخية لانفجار اجتماعي” ناجم عن تراكم اختلالات اقتصادية واجتماعية منذ الاستقلال.
وقال أقصبي:
“جيلكم لا يطلب المستحيل، بل فقط أن يعيش بكرامة في بلد تتكافأ فيه الفرص… المشكل ليس فيكم، بل في نظام اقتصادي وسياسي لم يعد قادرا على تجديد نفسه.”
وتواصل أجهزة أمن المخزن حملة الملاحقات والاعتقالات، حيث تم توقيف خمسة أشخاص بينهم قاصران بتهمة كتابة شعارات على الجدران تنتقد السياسات الرسمية، في وقت تتواصل فيه محاكمات عشرات المعتقلين منذ بداية موجة الاحتجاجات.
Views: 74