Homeالأخبارماذا تقول استراتيجية الأمن القومي الأميركية 2025 عن الجزائر؟

ماذا تقول استراتيجية الأمن القومي الأميركية 2025 عن الجزائر؟

أعادت الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي للولايات المتحدة التأكيد على موقع الجزائر كشريك مركزي في مقاربة واشنطن تجاه إفريقيا، بعد أن أبرزت الوثيقة توجهًا واضحًا نحو التعاون مع دول تتمتع بالاستقرار السياسي والأهمية الاستراتيجية في مجالات الطاقة والأمن.

وأوضحت الوثيقة، الصادرة في 04 ديسمبر 2025، أن العلاقة مع الجزائر تقوم على “شراكات سيادية” متفق عليها مسبقًا، وليست مجرد أمنيات، مما يعكس استمرار تقييم موقعها ضمن الحسابات الأميركية. ويستند هذا التوجه إلى مؤشرات ملموسة، من بينها لقاء رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون مع المستشار الأميركي الرفيع لشؤون إفريقيا والشرق الأوسط، مسعد بولس، وتكثيف زيارات قيادة القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا إلى الجزائر، إلى جانب مفاوضات متقدمة مع كبريات الشركات النفطية الأميركية.

وتكشف الاستراتيجية الجديدة أن الولايات المتحدة تتبنى نموذجًا براغماتيًا يركّز على حماية المصالح الحيوية وبناء شراكات انتقائية مع دول قادرة على ضمان بيئة مستقرة وواعدة للاستثمار، وفي مقدمتها الجزائر. ويؤكد نص الوثيقة، لا سيما الصفحة 29، على القطاعات الأساسية للطاقة، من الغاز الطبيعي المسال إلى الطاقة النووية، إضافة إلى المعادن الحيوية التي تعتبر محور الأمن الصناعي الأميركي.

وقد انعكس هذا التوجه عمليًا في الحركية الأميركية تجاه الجزائر، من زيارات قيادة “أفريكوم” لتنسيق الأمن ومكافحة الإرهاب في الساحل، إلى جولات الشركات النفطية الكبرى لمناقشة دخول الحقول الجزائرية، ما يؤكد أن الجزائر شريك موثوق ومركزي في هندسة أميركية جديدة تعتمد على الاستثمار عالي المردودية وتقليص الالتزامات المباشرة.

كما أبرزت الوثيقة التحوّل من منطق المساعدات إلى منطق الاستثمار المباشر، معتبرة الجزائر من الدول القليلة القادرة على جذب استثمارات أميركية في الطاقة والبنية التحتية والمعادن الاستراتيجية، نظرًا لموقعها الطاقوي وخططها للتحول الصناعي والطاقة النظيفة.

من الناحية الأمنية، تؤكد المقاربة الأميركية الجديدة قدرة الجزائر على إدارة الفضاء الأمني الإقليمي دون الاعتماد على قواعد أجنبية، بفضل خبرتها في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، خاصة في المناطق الحدودية مع ليبيا ومالي والنيجر، ما يمنحها موقعًا متقدمًا في الحسابات الأميركية.

ويبرز الدور الجزائري أيضًا داخل الاتحاد الإفريقي ومجلس السلم والأمن، حيث تحافظ الجزائر على موقف ثابت يقوم على الحلول السياسية والوساطات الداخلية بعيدًا عن منطق المحاور، ما يجعلها شريكًا استراتيجيًا قادرًا على تحقيق الاستقرار في القارة.

وفي هذا الإطار، جاءت زيارة المستشار الأميركي مسعد بولس للجزائر لتأكيد التوجه الاستراتيجي، حيث تم بحث ملفات الأمن، مكافحة الإرهاب، الطاقة، وتوسيع التنسيق في منطقة الساحل، وتوجت اللقاءات باستقبال من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مشددًا على تمسك الجزائر بسياسة خارجية متوازنة مستقلة.

كما تترجم هذه الشراكة توسع التعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة واستثمارات المحروقات، من خلال اتفاقيات مع شركات أميركية كبرى مثل “شيفرون”، ووجود الشركات الأميركية الأخرى مثل “إكسون موبيل” و“أوكسيدنتال”، والتي تستفيد من إصلاحات قانون المحروقات لتعزيز حضورها في السوق الجزائرية.

وبذلك، تؤكد الاستراتيجية الأميركية الجديدة أن الجزائر لم تعد مجرد حليف محتمل، بل أصبحت شريكًا استراتيجيًا مستقلًا، قادرًا على لعب دور محوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي وحماية المصالح الأميركية في شمال إفريقيا والبحر المتوسط، مع الحفاظ على استقلالية قرارها ومواقفها الثابتة.

Views: 130

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

spot_img

الاخبار الشائعة