احتضن مقر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، اليوم الاثنين، ندوة دولية حول الانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء الصحراويات في الجزء المحتل من الصحراء الغربية، وذلك بمشاركة دبلوماسيين، حقوقيين، وأساتذة جامعيين.
الندوة، التي نُظمت على هامش الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة منذ منتصف شهر يونيو الجاري، سلّطت الضوء على الواقع القاسي الذي تعيشه المرأة الصحراوية تحت الاحتلال المغربي، من قمع وترهيب يومي بسبب مواقفها ونضالها السلمي من أجل كرامة وحرية الشعب الصحراوي.
وشهدت الندوة تقديم شهادات حية من نساء صحراويات عايشن الانتهاكات، نقلن خلالها تجارب مؤلمة عن المعاناة اليومية داخل الأراضي المحتلة، وسط صمت دولي مقلق.
المشاركون وجّهوا نداءً عاجلاً للمنتظم الدولي والمؤسسات الحقوقية، داعين إلى التدخل الفوري لحماية المدنيين، ووضع حدّ لهذه الانتهاكات، وضمان تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير، وفق ما تنص عليه الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الإنسان.
وفي سابقة نوعية، شهد مقر مجلس حقوق الإنسان بجنيف نصب “خيمة صحراوية” داخل أروقة الأمم المتحدة، في مبادرة رمزية تعكس صمود الشعب الصحراوي، وتعبّر عن أصالته وهويته الثقافية، إلى جانب رمزيتها كفضاء للمقاومة والوحدة في وجه سياسات طمس الهوية والاستعمار.
كما نُظمت وقفة سلمية أمام ساحة الأمم بمقر مجلس حقوق الإنسان، دعت إليها جمعية “بنات الساقية الحمراء ووادي الذهب”، رفع خلالها المشاركون لافتات تطالب بالإفراج عن المعتقلين السياسيين الصحراويين القابعين في السجون المغربية، وبوقف القمع والانتهاكات المتواصلة منذ الاجتياح العسكري للصحراء الغربية سنة 1975.
وفي تصريح له بالمناسبة، أكد أبي بشراي البشير، ممثل جبهة البوليساريو لدى سويسرا والأمم المتحدة والمنظمات الدولية بجنيف، أن المدينة شهدت خلال اليومين الماضيين سلسلة من الأنشطة التضامنية مع القضية الصحراوية، من بينها عرض الفيلم الوثائقي “أربعة أيام في الصحراء الغربية”، الذي يرصد معاناة الصحراويين تحت الاحتلال في آخر مستعمرة بالقارة الإفريقية.
كما شدّد على أهمية الندوة الدولية المنظمة اليوم، والتي خُصصت لعرض تقرير شامل حول الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الصحراويات المناضلات، واصفًا إياها بالناجحة على جميع المستويات. وقد نشّط الندوة عدد من الشخصيات البارزة، من بينها الصحفية الأمريكية إيمي غودمان، وماريا كاريون، الرئيسة التنفيذية للجمعية الثقافية الإسبانية “في الصحرا”, إضافة إلى ياقوتة المختار، رئيسة المرصد الصحراوي لمراقبة ثروات الصحراء الغربية.
كما شهدت الندوة مداخلات وشهادات مؤثرة قدمتها ناشطات صحراويات بارزات، على غرار الغالـية دجيمي وسلطانة خيا، وثّقن فيها حجم الانتهاكات والتجاوزات التي تتعرض لها المدافعات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.
ومن بين أبرز المشاركات الدبلوماسية، جاءت مداخلة سفير جنوب إفريقيا لدى مجلس حقوق الإنسان، الذي جدّد دعم بلاده الثابت لحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، معبّرًا عن أسفه لعجز المجتمع الدولي عن إنهاء الاستعمار من الصحراء الغربية، وتجاهل معاناة شعبها.
وفي ختام أشغال الندوة، عبّر الدبلوماسي الصحراوي أبي بشراي البشير عن أمله في أن تُترجم هذه الديناميكية التضامنية إلى ضغط فعلي يُمارس على المجتمع الدولي، من أجل إلزام الاحتلال المغربي بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين الصحراويين.
كما دعا الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها إزاء استمرار استثناء الصحراء الغربية من آليات الرقابة الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتمادي المغرب في الإفلات من العقاب رغم الطابع “الممنهج والدائم” للانتهاكات المرتكبة في الإقليم المحتل.
Views: 1
