نددت هيئات حقوقية مغربية باستمرار تدهور وضعية الحقوق والحريات في المملكة، معتبرة أن هذا التراجع المتواصل يزيد من حدة الاحتقان الشعبي، في ظل تفشي الفساد وغياب آليات المحاسبة، مطالبة بانفراج حقوقي وسياسي شامل يعيد الثقة ويصون كرامة المواطن المغربي.
وأكد “الفضاء المغربي لحقوق الإنسان”، في بيان له، أن التراجعات المسجلة لم تعد مجرد وقائع معزولة، بل أضحت نمطاً ممنهجاً يعكس توجهاً واضحاً نحو تقويض المكتسبات التي تحققت بفضل نضالات طويلة. واعتبر أن سياسة التضييق على الأصوات الحرة، إلى جانب “شرعنة” الإفلات من العقاب وتوفير الحصانة لفئات بعينها، تساهم في تعميق الأزمة الاجتماعية والسياسية داخل البلاد.
وطالب الفضاء، الذي يضم عدة هيئات حقوقية، بالإفراج الفوري عن النقيب محمد زيان المعتقل منذ أكثر من عامين، وكذا عن معتقلي “حراك الريف” الذين صدرت بحقهم أحكام قاسية، بالإضافة إلى وقف المتابعات القضائية في حق عدد من المدافعين عن القضية الفلسطينية ومعارضي التطبيع.
كما دعا البيان إلى “انفراج حقوقي وسياسي شامل يعيد الثقة ويضمن صيانة الكرامة الإنسانية، ويؤسس لمجتمع ديمقراطي يتسع لجميع مكوناته”.
وفي سياق متصل، حذّر الفضاء من “الخطورة البالغة” للتعديلات التي يتضمنها مشروع قانون الإجراءات الجنائية، واعتبرها تهديداً لحق المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد، إذ “تكرّس نوعاً من الحصانة لبعض المسؤولين وتنتقص من مبدأ المساواة أمام القانون، كما تُقوّض فعالية القضاء في محاربة الفساد والريع”.
وأضاف البيان: “بدلاً من أن تكون هذه القوانين أدوات لإنصاف الضحايا ومكافحة الفساد، أصبحت تُستغل كغطاء لحماية المفسدين ومنحهم امتيازات إضافية على حساب المواطنين البسطاء”.
من جهتها، أعربت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان عن استنكارها الشديد لما وصفته بالتضييق المستمر على أنشطتها، نتيجة رفض السلطات منذ أكثر من عام تسليمها وصل الإيداع القانوني الخاص بملفها.
واعتبرت العصبة، في بيان لها، أن ما تتعرض له يأتي ضمن “سلسلة ممنهجة تهدف إلى ضرب استقلالية الجمعيات الجادة، والحد من تأثير الحركة الحقوقية الوطنية، وقدرتها على الترافع والدفاع عن قضايا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان”.
ورغم استيفائها لكل الإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون تأسيس الجمعيات، وحرصها الدائم على التواصل المسؤول مع الجهات المختصة، فإن السلطات امتنعت – حسب البيان – عن تسليم وصل الإيداع المؤقت ثم النهائي، في ما وصفته العصبة بـ”تعطيل إداري متعمد” و”انتهاك صريح للحق في التنظيم”.
وفي قراءة لهذا الوضع، خصوصاً في علاقته بواقع الفساد، اعتبر الأستاذ والفاعل السياسي والجمعوي بوغابة أشكيو أن المغرب “أصبح فعلاً بلد التناقضات، إذ تعيش ملايين الأسر تحت عتبة الفقر، بينما تستمر الحكومة في تسويق خطاب الدولة الاجتماعية دون أثر ملموس على الأرض”.
وأضاف: “لا يمكن الاستمرار في هذا المسار دون مساءلة. إن تحويل ميزانيات الدعم إلى جيوب بعض البرلمانيين والمقربين من أحزاب الائتلاف الحاكم، يُعد شكلاً صارخاً من أشكال الفساد الذي يُفاقم التفاوتات الاجتماعية ويعمّق الهوة الطبقية، في حين يُترك المواطن لمواجهة البطالة والتشرد والمصاعب المعيشية بمفرده”.
Views: 1

