أثار نجاح مؤتمر الصومام في أوت 1956 ردود فعل انتقامية عنيفة من جيش الاحتلال الفرنسي، امتدت إلى غاية سنة 1958، حيث اعتمد سياسة قمعية شرسة ضد السكان المحليين، وفق شهادات مجاهدين وباحثين في التاريخ.
وقد سجلت منطقة وادي الصومام آنذاك مختلف أشكال القمع، من مداهمات يومية وقصف عشوائي، إلى إحراق القرى والإعدامات الفورية، فضلا عن حشد السكان في مناطق عسكرية، بسبب دعمهم المستمر للمجاهدين في التموين والإيواء والعلاج وتوفير المعلومات.
المجاهد شعلال زايدي، من الولاية التاريخية الثالثة، استحضر بمرارة حجم الفظائع المرتكبة، مؤكدا أن “المحتل كان يقتل ويحرق لمجرد الشبهة بالتعامل مع الثورة، ليجعل من ذلك عبرة للآخرين”.
من جانبه، أوضح مؤرخ الثورة علي بطاش أن “هذه الممارسات لم تكن جديدة، إذ اعتمدها المستعمر منذ اندلاع الثورة في نوفمبر 1954، لكنها ازدادت شراسة بعد انعقاد مؤتمر الصومام”، مشيرا إلى أن الإدارة الاستعمارية لم تعلم بموعد المؤتمر إلا بعد مرور نحو شهر، وهو ما شكل صدمة وذعرا للجيش الفرنسي الذي اعتبر الحدث تحديا مباشرا لقوته المزعومة.
ويضيف البروفيسور أوعثماني سطار، عميد كلية التاريخ، أن الإدارة الاستعمارية لم تطلع على مضمون وثيقة المؤتمر إلا بعد نشرها في جريدة المجاهد، الأمر الذي فاقم غضبها، ودفعها إلى اعتماد سياسة “الأرض المحروقة”. وقد ارتفع عدد الجنود الفرنسيين في المنطقة من 60 ألفا إلى 300 ألف في غضون أسابيع قليلة، فيما تعرضت 14 قرية للقصف الممنهج، على غرار تيليوين وإيفري اللتين احتضنتا أشغال المؤتمر، حيث أحرقتا بالكامل.
وانتهت هذه المرحلة القاسية من الهمجية الاستعمارية بمعركة أسطورية بتيليوين في جانفي 1958، تكبد خلالها الجيش الفرنسي خسائر فادحة، لتظل شاهدة على صمود الجزائريين وتضحياتهم في سبيل الحرية والاستقلال.
Views: 1