تجددت اليوم الثلاثاء الاحتجاجات الشبابية في عدد من المدن المغربية لليوم الرابع على التوالي، استجابة لدعوات أطلقتها حركة شبابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت يسود فيه غضب شعبي متنامٍ جراء العنف الذي رافق تفريق المظاهرات السابقة وارتفاع عدد الموقوفين.
وشهدت شوارع عدة مدن عودة لافتة للمسيرات التي يقودها جيل جديد من الشباب، يطلق عليه “جيل Z”، حيث رفعت شعارات اجتماعية تطالب بالحق في التعليم والصحة والشغل ومحاربة الفساد، إلى جانب فتح نقاش واسع حول موقع الشباب في المشهد السياسي وقدرة الأحزاب والدولة على احتوائهم.
واعتمدت التعبئة، وفق مصادر إعلامية محلية، على الدعوات الرقمية التي استهدفت بشكل خاص التلاميذ وطلبة الجامعات، من خلال تنظيم وقفات احتجاجية رمزية داخل المؤسسات التعليمية، في محاولة لتوسيع رقعة المشاركة بعد ثلاثة أيام من تحركات متفرقة في الشوارع.
في المقابل، واصلت السلطات الأمنية نهج المقاربة القمعية، حيث طوقت الساحات العامة ومنعت التجمعات، ونفذت اعتقالات استباقية شملت نشطاء وصحفيين وحقوقيين كانوا بصدد توثيق الانتهاكات، إضافة إلى توقيف عشوائي لشبان بالرباط دون مشاركتهم المباشرة في أي احتجاج، ما أثار موجة استنكار واسعة.
وأعلنت النيابة العامة متابعة 16 شابا، من بينهم شابتان، في حالة سراح مقابل كفالات مالية مرتفعة، بينما يواجه العشرات الآخرون تهمًا مثل “التجمهر غير المرخص” و”الإخلال بالنظام العام”. ولم تسلم حتى الفئات الهشة، إذ وُجّهت لشابة تعاني إعاقة ذهنية تهمة “إهانة رموز الدولة”، وهو ما اعتبره متابعون دليلا على تحويل الاحتجاج الاجتماعي إلى ملف أمني بحت.
موجة استنكار حقوقية
أثار هذا المشهد ردود فعل منددة من هيئات حقوقية ومهنية، حيث أعلنت الجمعية الوطنية للمحامين استعدادها لتعبئة أعضائها للدفاع عن معتقلي الاحتجاجات، داعية إلى الإفراج الفوري عنهم ومؤكدة أن “اللجوء إلى العنف لا يمكن أن يكون بديلا عن الحوار المؤسساتي”.
بدورها، اعتبرت مجموعة “شابات من أجل الديمقراطية” أن الدولة “اختارت مواجهة أصوات الحرية والكرامة بالعنف والاعتقال، متجاهلة مشروعية المطالب الاجتماعية والسياسية المرفوعة منذ سنوات”.
وفي السياق ذاته، وصف الأمين الوطني لشبيبة حزب العدالة والتنمية، عادل الصغير، هذه الاحتجاجات بأنها “تعبير صريح عن حالة انسداد الأفق وتراجع الأمل وضعف الثقة لدى الشباب المغربي”. كما استنكرت النقابة الوطنية للتعليم العالي المقاربة الأمنية، معبرة عن تضامنها مع المتظاهرين ومطالبة بالإفراج عنهم.
تضامن معتقلي حراك الريف
وفي تطور لافت، أعلن معتقلو “حراك الريف” تضامنهم مع موجة الاحتجاجات الحالية، مؤكدين أن المطالب التي يرفعها “جيل Z” امتداد لنضال طويل من أجل العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية. وفي رسالة من داخل السجن، عبر المعتقل محمد جلول عن “تحيته للمحتجين وإدانته للتدخلات القمعية والاعتقالات التعسفية، التي تهدف إلى إخماد حراك شعبي وطني عادل ومشروع”.
ومع تواصل الاحتجاجات وتصاعد وتيرة القمع، يرى مراقبون أن المغرب مقبل على مرحلة حساسة قد تشهد اتساع رقعة الغضب الشعبي إذا لم تبادر السلطات إلى فتح حوار جاد ومعالجة المطالب الاجتماعية والسياسية للشباب.
Views: 131