منذ انطلاق مقاولة الأشغال في استكمال الجزء المتبقي من طريق مشتة المناصرية، كانت الآمال معقودة على أن يشكل المشروع خطوة نوعية لتحسين ظروف التنقل وربط المنطقة بمحيطها الحيوي، خاصة على بقية الطريق المنجزة سابقًا من حيث جودة التنفيذ ومتانة الطبقة الإسفلتية. إلا أن التحفظات بعد انطلاق الأشغال في الجزء المتبقي لم تلقَ الاهتمام اللازم، وظهرت على الطريق علامات التدهور المبكر والتشققات، ما يثير تساؤلات مشروعة حول مدى الالتزام بالمواصفات الفنية والمعايير التقنية أثناء التنفيذ.
ومع انطلاق الأشغال في الجزء المتبقي، ومرور شاحنات المقاولة بنقل مواد البناء، ظهرت مظاهر التخريب على الطريق الذي تم إنجازه منذ مدة. وما يزيد الوضع مأساوية هو أن المواطنين قد أطلقوا تحذيرات مبكرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خطر هذه الشاحنات الثقيلة على سلامة الطريق، إلا أن تحذيراتهم لم تلقَ أي متابعة، لتتفاقم المشكلات ويصل الطريق إلى الحالة الراهنة من تشققات وفقدان للطبقة الإسفلتية، الأمر الذي يعكس تقصيرًا واضحًا في المراقبة والمتابعة التقنية من قبل الجهات المعنية.
المواطن بين الانتظار واللامبالاة
من المؤسف أن تتحرك الجهات المسؤولة فقط بعد احتجاج المواطنين، وكأن غضب الشعب أصبح المحرك الأساسي للرقابة والإصلاح، بدلًا من روح المسؤولية والواجب المهني. فهل يعقل أن ننتظر دوماً تصاعد المطالب الشعبية قبل اتخاذ الإجراءات اللازمة؟ وأين كانت لجان المراقبة طوال فترة ظهور المؤشرات المبكرة للتدهور؟ولماذا لم يوقف تنقل الشاحنات أو التخفيف من حمولتها بما يتلائم مع طبيعة الطريق
الطريق أكثر من مجرد إسفلت
الطريق ليس مجرد طبقة من الإسفلت لتسهيل الحركة، بل هو شريان حياة يربط المواطنين بمصالحهم اليومية، ومؤشر واضح على مدى احترام المال العام وفعالية التسيير المحلي. وعندما تُهدر الموارد بسبب الإهمال أو التواطؤ أو غياب الرقابة الجدية، فإن الخسارة لا تُقاس بعدد الحفر أو التشققات، بل بفقدان الثقة في المؤسسات والمشاريع العمومية.
المساءلة ضرورة وطنية
ما يحدث اليوم في طريق مشتة المناصرية ليس مجرد خلل تقني، بل إخفاق إداري يستدعي فتح تحقيق جاد ومساءلة كل من تقاعس عن أداء واجبه. فالمساءلة ليست خيارًا إعلاميًا أو سياسياً، بل واجب وطني وأخلاقي لحماية المال العام وصون كرامة المواطن.
لقد آن الأوان لحماية مشاريع المواطنين.
فمن دون رقابة حقيقية ومحاسبة شفافة، ستظل طرقنا تتآكل، ومشاريعنا تتهاوى، وثقة المواطن تتآكل يومًا بعد يوم
Views: 22

