تحتفظ مدينة #قسنطينة، المعروفة بمدينتها العتيقة المعلقة بين الجسور والصخور، بكنز ثقافي عميق يتمثل في #قفطان_القاضي، الذي تحول عبر الزمن من لباس رجالي مرتبط بالسلطة والقضاء إلى رمز يجسد #الأناقة النسائية والتراث الجزائري العريق.
يعكس هذا القفطان، من خلال تطريزاته الراقية وأقمشته الفاخرة ومهارات صانعيه الحرفية، ثقافة غنية ومتجذرة في التاريخ، لتصبح هذه القطعة اليوم إرثًا معترفًا به دوليًا، حيث تعرض بعض القطع في متاحف حول العالم مثل متحف ستوكهولم السويدي وقصور فيينا النمساوية، إضافة إلى متاحف دمشق السورية التي تحتفظ بقفاطين تعود ملكيتها إلى عائلة الأمير عبد القادر.
وتوضح مريم قبايلية، مديرة المتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية بقسنطينة (قصر أحمد باي)، أن القفطان كان في الأصل لباسًا رجاليًا يرتديه القضاة ويعكس مكانتهم ومكانة مرتديه، بينما أُدخل لاحقًا إلى الأزياء النسائية ليصبح رمزًا للأناقة والفخامة، مع تقنيات تطريز مميزة لكل جنس، حيث كانت تقنية “المجبود” للرجال و”الفتلة” للنساء.
ويعود تاريخ القفطان إلى القرن السابع عشر الميلادي، مدعومًا بوثائق أرشيفية تتضمن عقود زواج وسجلات المحاكم الشرعية التي وردت فيها عبارة “زي القفطان”، كما تشير المصادر إلى أن صناعة القفطان كانت تعتمد على أساليب تقليدية دقيقة، تشمل استخدام جلد الغنم بدل “القرقاف” وخياطة الذهب بأسلوب تقليدي متوارث من جيل لآخر، ما منح القفطان رونقًا خاصًا وجمالًا لامعًا يعكس مكانته الرفيعة.
وقد لعبت “دار الدباغ” بقسنطينة دورًا محوريًا في تحويل كل قطعة جلد إلى عمل فني، مما ساهم في صون التراث ورفع جودة الصناعة التقليدية القسنطينية. ولا يزال القفطان يلبس في المناسبات والأعراس، ليحافظ على دوره كإرث حي يعكس #الهوية والثقافة والأناقة، ويورثه الأجيال في شرق الجزائر، كما هو الحال مع قفطان تلمسان في الغرب، مما أكسبه اعتراف منظمة #اليونسكو كإرث ثقافي عالمي.
هذا التراث العريق يبرز قيمة الثقافة الجزائرية في الحفاظ على الحرف التقليدية، ويظهر كيف يمكن للفن والحرفة أن يجسدا التاريخ والهويّة الاجتماعية في لباس واحد، ليظل #قفطان_القاضي رمزًا خالدًا يجمع بين الفخامة، الجمال، والذاكرة الثقافية عبر الأجيال.
Views: 3
