كلمة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون تلاها نيابةً عنه الوزير الأول، السيّد سيفي غريب، في الجلسة الثانية لقمة مجموعة العشرين بعنوان” عالم قادر على الصمود- مساهمة مجموعة العشرين: الحد من مخاطر الكوارث؛ تغير المناخ؛ التحولات العادلة في مجال الطاقة؛ الأنظمة الغذائية” :
فخامة الرئيس ماتاميلا سيريل رامافوسا، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا،
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيدات والسادة، الحضور الكريم،
تعتبر الجزائر إحدى الدول الأكثر عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ، حيث شهدت في الآونة الأخيرة، تزايدا غير مسبوق للعديد من الظواهر كالارتفاع المتزايد للمعدلات الفصلية لدرجات الحرارة وموجات الحر، والجفاف، وما ينجم عنه من ندرة للموارد المائية، والسلع الغذائية الأساسية، بالإضافة إلى التصحر وحرائق الغابات، وكذا الزلازل والأمطار الطوفانية والفيضانات الناتجة عنها، التي تتسبب في خسائر بشرية ومادية جسيمة في مختلف القطاعات مثل البنية الأساسية والمنشآت والمشاريع الزراعية بالإضافة إلى التأثير على النظم البيئية المختلفة.
واستجابة لهذا الواقع، تحرص بلادي على إرساء ترسانة قانونية ومؤسساتية للحماية من المخاطر الكبرى وتسيير الكوارث، تعنى بجل أوجه التدخل من تدعيم المنشآت التحتية وتعزيز القدرات التقنية والتكنولوجية وإقامة وتحسين أنظمة الإنذار المبكر الخاصة بالهزات الأرضية أو الفيضانات أو حرائق الغابات.
كما رافق هذه الجهود اعتماد وسائل مالية معتبرة من خلال الصناديق الوطنية للتعاون الفلاحي، التضامن الوطني والضمان منالأخطار الطبيعية للسماح للمتضررين من الاستفادة من التمويل اللازم لمجابهة الأضرار والخسائر الناجمة عن هذه الكوارث.
و على الصعيد الإقليمي والقاري، بادرت الجزائر بإنشاء آلية إفريقية للوقاية من أخطار الكوارث، من أجل استحداث قوة مدنية إقليمية للتأهب للكوارث الطبيعية والاستجابة لها، قصد ضمان تكفل فعلي وآني وتقديم الدعم الضروري للدول الإفريقية المتضررة من خلال عمليات إعادة الإعمار والتنمية وتمويل العمل الإنساني.
كما أنه جاري العمل على تفعيل المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى، المتواجد مقره بالجزائر، والتابع لجامعة الدول العربية، مما سوف يسمح بالرفع من إسهامه في مجالات البحث العلمي المطبق في مجال الوقاية من أخطار الزلازل، وتبادل الخبرات بين الدول العربية، ونقل التكنولوجيات المتطورة عالميا للدول العربية وتطبيقها.
السيد الرئيس،
إن الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي هما أولويتان قصويان لبلدي وقد عرفت الجزائر خلال السنوات الأخيرة تحولات تاريخية في أنظمتها الغذائية من خلال تطوير الفلاحة في الجنوب الجزائري، عبر شراكات مع دول شقيقة وصديقة. ومن هذا المنطلق، ندعو الدول أعضاء مجموعة العشرين إلى عقد شراكات مع الدول الإفريقية من شأنها تطوير الإنتاج الفلاحي والحيواني، بغية الحد من ظاهرة الجوع والأزمات الغذائية التي تنخر العديد من البلدان الإفريقية.
وقد قدمت الجزائر الأمثلة فيما سبق، عبر التعاون مع برنامج الأغذية العالمي PAM من أجل تقديم الدعم الغذائي للدول المتضررة، لاسيما دول الساحل الإفريقي، وكذا التعاون مع منظمة الأغذية العالمية FAO في المجال الفلاحي حيث مكن تحويل الخبرات إلى إحداث تنمية معتبرة في الأنظمة الفلاحية.
السيد الرئيس،
وفي المجال الطاقوي، فإن القارة الإفريقية تواجه تحديات معتبرة بخصوص الانتقال الطاقوي، إذ أن 18 بالمائة من عدد السكان في العالم يقطنون بالقارة الإفريقية، وبالمقابل تسجل القارة أقل من 6 بالمائة من الاستهلاك الطاقوي العالمي، بينما لا تتجاوز نسبة الربط بالكهرباء 45 بالمائة على أقصى تقدير.
وبالمقابل، يفرض علينا التصدي لظاهرة تغير المناخ الشروع في التخفيف المكثف لهذه الإنبعاثات، مع التركيز على قطاع الطاقة، بالنظر إلى حجمه ومساهمته الْمُعْتَبَرَيْنِ في الاحتباس الحراري العالمي. ولا يتم هذا إلاّ من خلال اعتماد سياسات وبرامج وخطط وطنية تهدف إلى تطوير الطاقات النظيفة، علاوة عن الترشيد الطاقوي الرامي إلى خفض استهلاك الطاقة، ومن ثمة الإنبعاثات الناجمة عنها.
وحتى يتسنى لنا التَّحَرُر نسبيا من الطاقة الأحفورية، يتوجب علينا خلق ظروف مواتية من شأنها أن تسمح بالانتقال السَّلِسْ إلى أنماط إنتاج واستهلاك خالية من الكربون. ويقوم ذلك على مجموعة من المبادئ والشروط، نذكر منها:
− إرساء آليات تسهيلية تسمح للدول النامية بالاستفادة من دعم مالي دولي ،
− وضع الأطر والآليات الدولية لدعم نقل التكنولوجيا التي تسمح بتطوير طاقات المستقبل،
− العمل من أجل تبادل الخبرات والممارسات الناجحة فيما له صلة بتطوير الطاقات المتجددة وترشيد استهلاك الطاقة،
− العمل من أجل بناء القدرات البشرية والمؤسساتية للدول النامية لضمان انتقالها السلس.
وفي هذا الصدد، تدعو الجزائر إلى عقد شراكات في مجال التحول الطاقوي في القارة الإفريقية بين بلدانها وبلدان مجموعة العشرين، ذلك أن التحول الناجح في هذا القطاع يعني تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة لا سيما الأهداف السابع والثامن والثالث عشر منها، المتعلقة على التوالي بالطاقة النظيفة والمتاحة، العمل اللائق والنمو الاقتصادي والعمل من أجل المناخ.
كما إن بلدي يبدي استعداده لمشاركة تجربته في مجال الطاقة مع البلدان الإفريقية الصديقة ودول مجموعة العشرين، مع العلم أن الجزائر قد تعدت عتبة 25.000 ميغاوات مكنتها من تغطية احتياجات مواطنيها، ومن تصدير الفائض من الطاقة نحو دول أخرى وتشارك حاليا في تجسيد مشاريع عدة مع شركاء أجانب بغية تعزيز الطاقة الخضراء النظيفة وهو ما سيساهم بكل تأكيد في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر وفي الدول الشريكة.
وشكرا على حسن الإصغاء والسلام عليكم .
Views: 105

